حرب القوقاز.. هل هي حرب من أجل النفط والغاز؟!
إذا كانت حرب العراق هي الحرب الأولى من أجل النفط فان حرب القوقاز هي الحرب الثانية من أجل النفط والغاز، وإذا كانت حرب العراق هي بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة وصدام حسين من جهة اخرى فان حرب القوقاز هي بين جورجيا والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة اخرى.. وإذا كانت الأهداف المعلنة في حرب العراق هي اسلحة الدمار الشامل فإن حرب القوقاز أهدافها المعلنة هي أوستيا (ossetia) الجنوبية وأفخاذيا (afakhazia)، لكن الحربين متشابهتين من حيث الاهداف الخفية وهي تحقيق المصالح الاقتصادية من خلال السيطرة على منابع النفط والغاز في العالم والولايات المتحدة لا تألوا جهداً في تحقيق مصالحها الاقتصادية مهما كان الثمن سواءً بدخول الحروب مباشرة أو عن طريق عملاء مثل ميخائيل ساكشفيلي رئيس جورجيا الحالي.
منطقة القوقاز أو آسيا الوسطى هي المنطقة الكبرى للتنقيب وانتاج النفط والغاز في روسيا وتعمل فيها الشركات الروسية الكبرى مثل غازبروم (GASPROM) ويوكس (YUCOS) وهما أكبر شركات انتاج النفط والغاز في العالم فهي تنتج ما يعادل «06%» من انتاج العالم من الغاز و«04%» من انتاج العالم من النفط خارج منظمة الاوبك ويذهب «06%» من انتاجها من الغاز الطبيعي إلى اوروبا وخاصة لفرنسا ولالمانيا ولايطاليا، لذلك فان روسيا تعتبر هذه المنطقة بمثابة خطوط حمراء لا يمكن ان تسمح لأحد ان يقترب منها خاصة وان كان الذي يريد ان «يقترب» هو امريكا. الاقتصاد الروسي شهد تحسناً ملحوظاً في العقد الاخير والفضل يرجع للنفط والغاز والاسعار المرتفعة.. هذا التحسن هو الى ادى الى ان تعود روسيا قوية إلى حلبة العالم بعد ان غابت عنه طويلاً بعد تفكك الاتحاد السو?ياتي لهذا جاء رد روسيا عنيفاً وقوياً رداً على قيام جورجيا - مسنودة بالولايات المتحدة - بضرب أوسيتيا الجنوبية وقتلها اكثر من «52» ضابطاً روسياً تابعاً لقوات حفظ السلام في اوسيتيا الجنوبية والسؤال هذه المرة يدور حول من أزم الموقف؟ وما دور الولايات المتحدة فيه وما اهدافها؟.
الولايات المتحدة لم تخسر في حرب العراق وكل من يقول ذلك لا يعلم ما حققته هذه الدولة من مكاسب اقتصادية كثيرة سواءً عبر شركاتها أو عبر الاستيلاء على الاحتياطيات النقدية المودعة حالياً في البنوك الامريكية أو عبر الاستيلاء على النفط والتصرف فيه نيابة عن شعب العراق لذلك فان الولايات المتحدة لن تغمض لها عين وهي ترى روسيا تجني ثروات طائلة من حقول آسيا الوسطى وهي تبحث منذ زمن بعيد لوضع ارجلها في هذه المنطقة المهمة ووجدت فرصتها هذه المرة عن طريق حليفتها جورجيا ودفعت بها دفعاً إلى شن هذه الحرب بدعوى مساندة حق جورجيا في الاقاليم المنفصلة في افخاذيا وأوسيتيا الجنوبية، لكن روسيا دخلت بقوة وهزمت جورجيا وطردت قواتها من الاراضي الاوسيتية ولم تفعل الولايات شيئاً سوى الشجب والادانة لانها تعلم ان روسيا لن تكون سهلة في الدفاع عن مكاسبها الاقتصادية خاصة اذا كانت هذه المكاسب تتعلق بالغاز والنفط.
في هذه الحرب كانت امريكا خاسرة اقتصادياً وسياسياً وروسيا هي الربحة عسكرياً وسياسياً.. فأمريكا لم تستطع تحقيق حلم المحافظين الجدد وشركاتهم في الدخول إلى آسيا الوسطى، كما دخلوا العراق ونهبوه.. وروسيا نجحت في ارسال رسالة واضحة للولايات المتحدة بأنها ليست العراق وليس كل طير يمكن ان يؤكل لحمه، كما اوضحت هذه الحرب ان الدول الاوروبية مثل فرنسا والمانيا وايطاليا اصبحت دولاً تفهم جيداً اللعبة السياسية الامريكية واصبحت تميل حيث تتجه مصالحها لذلك أيدت هذه المرة الموقف الروسي لانه يمدها بالغاز ولا يمكنها مجاملة امريكا اطلاقاً في هذا المجال.